الاستقلال

المساومات

كاد إنهاء استعمار تونس أن يصحب بسفك الدماء، على الصورة التي جرت في الجزائر. فقد بادر العساكر الفرنسيون إلى مطاردة الفلاقة. وفي سنة 1950 بوشرت المحادثات بين الحكومة الفرنسية والقوميين التونسيين، أتباع حزب الدستور الجديد وعلي رأسهم بو رقيبة.

فتم التوقيع على اتفاق يقضي بإنشاء حكومة تونسية متجانسة وانتخاب مجلس نيابي.

الأزهر الشريتي أمام الحشود:

وافق الأزهر الشريتي الإجابة على أسئلة الصحافيين الذين قصدونه. وهو شاب (يبلغ من العمر 36 عاماً)، متين البنية، كامد البشرة، يتميز بوشم صغير يتوسط جبهته، كان يضع كفية ويرتدي غندورة كاكية اللون وجراب بني وينتعل خفا ،ً فضلاً عن حمالة سيف ومسدس ومنظار. وعلى صدره شعار صغير من الذهب يحمل رسم الباي .
استقبل مخاطبيه بدماثة، وأعلمهم أنه كان عامل في منجم في منطقة أم ديلا وأنه غادر تونس إلى سوريا ومن ثم إلى فلسطين عندما اندلعت الحرب هناك فشارك في النضال حتى فرض الهدنة.

وهكذا بدأ الحوار حول المشاكل القائمة في تلك الفترة:

- متى ستباشر في في إجراءات تبادل الأسلحة ؟
-لا أستطيع أن أحدد متى بسبب فقدان الرجال التابعين لي. فاحتاج إلى وقت للوصول إليهم.

- ما الذي دفعك مؤخراً إلى التوقف عن القتال ؟
- عندي ثقة في الحكومة التونسية وفي الحكومة الفرنسية على السواء.

- هل أنت راض عن ظروف الاستسلام ؟
- نعم طالما الحكومتان متفقتان على ذلك .

- كم يبلغ عدد الرجال التابعين لك ؟
- الرقم الذي يمكن لي إعطائه ليس إلا على وجه التقريب من 1000 إلى 1500 رجل.

- في أية فترة أصبحت منشقا ً ؟
- منذ يناير/ كانون الثاني من سنة 1952 في يوم اعتقال بورقيبة.

- هل أتيحت لك الفرصة لمقاتلة عصابات ليست بالفعل من الفلاقة ؟
- إني أطاردها باستمرار، فأنا أقمع دائماً الأفعال التي أدينها.

- هل أنت معروف بالقائد الأعلى للفلاقة ؟
- نعم إنهم يقرّون بي وبالنظام الذي أفرضه.

- لماذا لم تستجب إلى العرض السابق للقائم العام بمنحك الأمان؟
- في ذلك الوقت كنت أعطيت كل المجموعات الأمر بالعودة إلى سربها وبعدم شنّ أي هجوم. ولكن الفرق هي التي شنت الهجوم.

خلال المحادثة التي جرت بتلقائية فيما بعد، أكد قائد الفلاقة بحرارة وفي عدة مرات ، أن مستقبل تونس لايمكن فصله عن مستقبل فرنسا.

وأضاف الأزهر الشريتي متحدثاً عن رجاله:

" ان من واجبي ارجاعهم جميعاً الى مناطقهم " واختتم حديثه قائلاً: أرغب أن تنزع فرنسا سلاح كل المشاغبين في نفس الوقت الذي أنزع فيه سلاح رجالي".